كيرلس السادس (عطا) السكندري
ملاحظة: هذه المادة او الباب يمثل الأرثوذكسية اللاخلقدونية (Non-Chalcedonian)المنظور الذي قد يختلف عن الأرثوذكسية الخلقدونية (مجمع خلقدونية) من ناحية الفهم. |
البابا كيرلس السادس بابا الإسكندرية للاقباط الارثوذكس في الفترة مابين 10 مايو 1959 و 9 مارس 1971.
حياته قبل الرهبنة
كان إسمه قبل الرهبنة عازر يوسف عطا ، وقد ولد في 2 أغسطس 1902 الموافق 2 مسري 1618 بمدينة دمنهور من والدين محبين للكنيسة والمبادئ المسيحية .
ولما كبر كان يحلو له أن يختلي في غرفتة الخاصة وينكب علي دراسة الكتاب المقدس مواظباً علي الإستزادة من علوم الكنيسة وطقوسها وألحانها وتسبيحها .
انخراطه في سلك الرهبنة
وظل يمارس الحياة الرهبانية قبل الإلتحاق بالدير أكثر من خمس سنوات ، وفي يوليو 1927 صمم عازر علي الإنخراط في سلك الرهبنة ، فإستقال من عملة المرموق وتوجه إلي دير البراموس في حبرية البابا كيرلس الخامس البابا الـ 112 . وظل عازر تحت الإختبار عدة شهور ، ثم زكاه الأباء الرهبان ليكون راهباً معهم ، سيم في 17 أمشير الموافق 24 فبراير 1928 بإسم الراهب مينا البراموسي ، وفي يوم الأحد 18 يوليو سنة 1931 رسم قساً بإسم القس مينا ثم درس بعض الوقت في كلية الرهبان اللاهوتية بحلوان ، ولما سمع بنبأ ترشيح البابا يؤانس له ليكون أسقفاً هرب إلي دير الأنبا شنودة بسوهاج ، ولما عاد كأمر البطريرك كاشفة برغبتة في الوحدة فصرح له بتحقيق رغبتة تحت إرشاد شيخ الرهبان التقي العابد القمص عبد المسيح المسعودي فتوحد في مغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة سيراً علي لأقدام .
وفي أوائل عام 1936 ، عاش في طاحونة مهجورة في صحراء مصر القديمة ، وكان يقيم فيها القداسات اليومية ، وفي سنة 1941 أسندت إليه رأسة دير الأنبا صموئيل في جبل القمون بمغاغة ، فعمره وجدد كنيستة وشيد صوامع الرهبان ، وتتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان الأفاضل .
وفي سنة 1947 أنتقل إلي مصر القديمة حيث بني كنيسة القديس مارمينا بالنذور القليلة التي كانت تصله ، وكان يقوم بالبناء بنفسه مع العمال ، وقد تتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان الأتقياء الذين أقامهم الله أساقفة للكنيسة بعد ذلك . وفي سنة 1949 ألحق للكنيسة منزلاً لإيواء الطلبة المغتربين ، وقد إشتهر بالصلاة الدائمة والإيمان القوي فكان يأتي إليه المرضي من جميع أنحاء البلاد ، فكان يصلي لهم وبقوة إيمانة كانوا جميعاً يشفون من أمراضهم ، وقد أكرمه الله بهذه المعجزات في حياتة ، وأيضاً بعد نياحتة وحتي الآن .
اعتلائه كرسي البابوية
وقد إختارتة العناية الإلهية بالقرعة الهيكلية ليصير بابا الإسكندرية فرسم في 10 مايو 1959 م الموافق 2 بشنس 1675 ش .
وفي 28 يونيو 1959 قام برسامة بطريرك جاثليق لإثيوبيا وعقدت اتفاقية بين كنيستي مصر وإثيوبيا لتأكيد أواصر المحبة بينهما وفي نوفمبر سنة 1959 أرسي حجر الأساس لدير الشهيد مارمينا العجايبي بصحراء مريوط وأعاد له جزء من جسدة الطاهر ، وبني به كنائس وكاتدرائية تشابه في مجدها الكاتدرائية القديمة في المدينة الأثرية .
وفي يناير 1965 رأس مؤتمر الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في أديس أبابا ، وهو يعتبر أول مجمع مسكوني للكنائس الأرثوذكسية غير الخلقودنية في العصور الحديثة ، وناقش المؤتمر أموراً هامة تتعلق بالخدمة والكرازة في العالم المعاصر وعلاقة الكنائس المجتمعة بالكنائس الأخري .
وقام بترميم الكاتدرائية المرقسية الكبري بالقاهرة والتي كان قد مر علي بناؤها مئة عام وزينت بالرسومات الجميلة .
وفي سنة 1967 عمل الميرون المقدس وكان حدثاً تاريخياُ هاماُ إذ هي المرة السادسة والعشرون في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية .
وفي سنة 1969 تجلت القديسة العذراء مريم أم النور كلية الطهر فوق قباب كنيسة في ضاحية الزيتون وكان إعلاناً سماوياً عظيماً لم يسبق له مثيل منذ حلول الروح القدس علي التلاميذ في يوم الخمسين فقد ظهرت بنور سماوي يعجز البشر عن وصفه ، واستمر الظهور عدة شهور مع ظهور أجسام نورانية وحمام نوراني وبخور عطر ، ونال الألوف من ذوي الأمراض المستعصية نعمة الشفاء ، فقد فتحت أعين العميان وبرأ المشلولون وقام المقعدون من مختلف الأديان والجنسيات وعم الفرح والعزاء الجميع ومجدوا الله كثيراً .
وفي يونيو 1968 أستقبل البابا كيرلس جسد القديس مارمرقس بعد غيبتة عن أرض مصر زهاء إحدي عشر قرناً من الزمان ، وأودعه في مزار خاص بني خصيصاً تحت مذابح الكاتدرائية العظيمة للقديس مارمرقس التي أنشأها البابا كيرلس السادس وإفتتحها في إحتفال عظيم حضره رئيس الجمهورية الرئيس جمال عبد الناصر والإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور اثيوبيا ووفود من كنائس العالم كله وجموع كثيرة من الشعب .
لم ينس البابا كيرلس السادس يوماً أنه الراهب الفقير مينا ، فكان طعامه بسيطاً ، وما أكثر الأيام التي عاشها علي الكمون والملح والخبز الجاف ، وفي صوم البتول العذراء مريم والصوم الكبير كان يتناول مرة واحد في المساء بعد صلاة القداس الذي كان يقيمه يومياً وملابسه كانت بسيطة جداً ونومه كان قليلاً ظل مواظباً علي صلاة التسبحة يومياً فيبتدئها قبل شروق الشمس ثم يعقبها بصلاة القداس ، وكان يصليه في هدوء وعمق وبصوت منخفض ووجه مطرق إلي أسفل وعينيه مغلقتين وصلاته تكاد بلا لحن وفي وقار وخشوع .....
وكثيراً ما كان يذرف الدموع الغزيرة فيبكي كل من يراه ، وهو أول بابا في الجيل الحاضر فتح بابه لكل إنسان فكان كل فرد يستطيع أن يجلس معه ويكلمه بلا مانع ولا عائق ، ويرشد الضال ويقوم المعوج ويصلي لمن يحتاج إلي المعونة فتجددت حياة الكثيرين وكم من مرضي شفي وكم من حالات إخراج الشياطين بكلمة بسيطة من فمه المبارك ، وكم من مشكلات حلت بصلواته . وكان مواظباً علي رفع بخور عشية وبذلك كان يومه كله صلاة في الكنيسة وفي قلايته وفي مقابلاته وفي سيره ، وعند تناول الطعام كان دوماً يتلو المزامير رافعاً لله عقله وقلبه وكل حواسه حتي قيل بحق أنه رجل الصلاه والمعجزات .
لقد إجتاز تجارب عديدة من داخل الكنيسة ومن خارجها فإنطبق عليه قول بولس الرسول " جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوي في المسيح يسوع يضطهدون " ولكن كانت يد الله معه فكثيراً من أعدائه والذين قاوموه لم ينجح منهم أحد .
وفاته
ولما أراد الله أن يريحه من أتعاب هذا الزمان الحاضر ألهمه بذلك رؤي عديدة وإعلانات سماوية كثيرة ، وكان يصرح بها أمام أحبائه ، ومرض قليلاً وفي يوم نياحته أستقبل عدداً من أبنائه وعند خروج أخر واحد وكان كاهناً – رفع الصليب وقال " الرب يدبر أموركم " ودخل قلايته وأستودع روحه الطاهره بيد الله الذي خدمه في 9 مارس 1971 , ودفن تحت مذبح الكاتدرائية التي أنشأها ، وفي 15 هاتور 1677 ش الموافق 25 نوفمبر 1972 م نقل جسده الطاهر في إحتفال مهيب إلي دير الشهيد مارمينا بمريوط حسب وصيته ليكون بجوار شفيعه العظيم مارمينا ، وفي يوم نقله أعلنت السماء احتفالها بهذا القديس العظيم حيث أرعدت السماء وهطل المطر بشكل غريب لم يسبق له مثيل من قبل .