يوحنا الدمشقي

من ارثوذكس ويكي
نسخة ١٧:٠٨، ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٧ للمستخدم Habib (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

ولد منصور بن سرجون وهو اسم القديس يوحنا حوالي سنة 675 م في دمشق، عاصمة الأمويين آنذاك، من عائلة عريقة وغنية، عُرفت بفضيلتها ومحبتها للعلم وبمكانتها السياسية والاجتماعية، إذ إن سرجون، والد يوحنا ومنصور جده، كانا يعملان على إدارة أموال الخلفاء الأمويين وعلى جمع الخراج من المسيحيين 1. وعلى ما يبدو أن منصور، في مطلع شبابه، قد شَغِلَ هذه الوظيفة لمدة من الزمن 2.

القديس يوحنا الدمشقي

حصل منصور منذ نعومة أظافره على ثقافة أدبية وفلسفية ودينية مهمة: فقد ذكرت لنا سيرته أن معلمه كان راهباً من جزيرة صقلية، من أسرى الحرب اشتراه والده ثم حرّره (أعتقه) وعَهِدَ إليه بتعليم ابنيه: أولهما منصور والثاني قزما ابنه بالتبني. وقد أتقن اليونانية، لغة الطبقة الراقية من كبار المتعلّمين، واللغة السريانية، لغة الشعب المستعملة في الليتورجيا ورغمّ أن كل كتاباته التي وصلت إلينا كانت باليونانية فمن المؤكد أنه كان يعرف العربية أيضاً لغة عائلته الأصلية.

وما أن توفيَ سرجون، والده، حتى أخذ هذا الأخير مكان أبيه في إدارة أموال الدولة، بينما انتحل قزما معلّمه وقزما أخوه بالتبني الحياة الرهبانية في سيق مار سابا. ثم ما لبث منصور -وكان قد بلغ حوالي الثلاثين من عمره- ولأسباب نجهلها وقد تكون سياسية - أن ترك مركزه والتحق بمعلمه قزما وبأخيه إلى سيق مار سابا أيضاً. فأحب هناك الحياة النسكية وراح يتعمق في اللاهوت على يد البطريرك الأورشليمي يوحنا الرابع (706-734) الذي كان يطلبه غالباً لإلقاء المواعظ والخطب في أورشليم. وهناك اتخذ اسم يوحنا -ربما تيمناً بأستاذه البطريرك-.

في ذلك الوقت (حوالي سنة 725)، قامت بدعة تحارب تكريم الأيقونات المقدسة. مدعية أن هذا التكريم إنما هو عبادة وثنية 3. فهبَّ يوحنا بكل ما لديه من قوة وثقافة يدافع عن التمسك بالسجود للأيقونات المقدسة موضحاً أن هذا السجود إنما هو مجرد تكريم للأشخاص الممثلة في الأيقونات، وليس هو على الإطلاق عبادة الصور. وقد فعل كل ذلك، "رغم أنه لم يكن بعد من ذوي مراتب البيعة المقدسة".

وفي هذا المجال، تسرد لنا سيرته أن لاون الملك، ماقت الأيقونات المقدسة، لحقده على يوحنا اتهمه زوراً بالخيانة، مما سبب له قطع يده. فما كان من يوحنا إلا أن دخل غرفته "وطرح على الأرض كلية جسده قُدام أيقونة السيدة المجيدة، ذات الشفاعات غير المردودة، وألصق كفه المقطوع إلى زنده وتوسّل إليها من قعر قلبه، وفاضت عيناه دموعاً محرقة منحدرة على صدره، قائلاً: أيتها السيدة القديسة الطاهرة والدة إلهنا الكلمة الأزلية، بتجسده من دمائك النقية لمحبته الجزيلة لجنس البشرية، أسألك أن تتوسلي إليه من أجلي... لكي تردي يدي إلى ما كانت عليه أولاً كاملة، صحيحة من كل ألم وقطع، معافاة، وتظهري عبدك جزيل تحننك (كذا) لكي ما يبطل لساني ما عشت من مديحك، لأنك قادرة على ما سألتكِ". "وللحين غفت عيناه فرأى المتحننة بشكلها وهيئتها ناظرة إليه بطرفها وقائلة له: قد عُفيت يدك، فأنجز لإلهك نذرك، ولا تؤخر عهدك. فاستيقظ بفرح مسرور، ونهض واقفاً على رجليه، مصلياً شاكراً. وترنم للوقت بما يلائم سرعة إجابته في توسله وكما عافيته لساعته" 4. وأيقونة العذراء ذات الأيدي الثلاث هي رمزاً للأعجوبة المذكورة.

وعلى أساس تلك الحملة التي شنّها يوحنا ضد ماقتي الأيقونات المقدسة، واضعاً أسساً ثابتة ونهائية لهذا التكريم، عقد الأمبراطور قسطنطين (كبرونيم) مجمعاً سنة 754، تغيّب عنه أهم المدعوين (بطاركة الإسكندرية وأنطاكية وأورشليم) حيث رفض الحاضرون رفضاً قاطعاً تكريم الأيقونات المقدسة وقرّروا أن كل من يخالف ذلك يعتبر متمرداً على وصايا الله وعدواً مخالفاً للعقائد المحددة في مجمع (هييرا) هذا المؤلف من 338 أسقف، ثم حرموا أشهر الذين دافعوا عن هذا التكريم أي جاورجيوس القبرصي و جرمانوس القسطنطيني ومنصور بن سرجون -"ذا الاسم المشؤوم الذي يعلم الآراء المحمدية" 5.

إلا أن المجمع النقاوي الثاني 787 (المجمع المسكوني السابع)، بعد أن تبّت تكريم الأيقونات المقدسة، أعاد لهؤلاء المحرومين في مجمع هييرا اللصوصي سنة 754، كرامتهم "رحمة أبدية لجرمانوس ويوحنا وجاورجيوس، أبطال الحقيقة... إن الثالوث قد مجّد ثلاثتهم" 6.

وكان يوحنا ينذوي في صومعته، في سيق مار سابا يؤلف مع أخيه قزما الترانيم والقوانين الدينية التي لا تزال الكنيسة تترنم بها إلى يومنا هذا. وكانت قريحته فيّاضة لدرجة أنه استحق أن يُدعى فيما بعد بـ "مجرى الذهب". ثم شاءت العناية الإلهية أن يُنتخب قزما أسقفاً على مايوم، المعروفة اليوم بميلمس (قرب غزة)، وطُلب مراراً إلى يوحنا أن يُرتسم كاهناً. وكان في كل مرة يرفض، إلى أن "استحضره بطريرك البيت المقدس وسامه قسيساً بغير مراده، بل بكثرة الزامه إياه غلبه على رأيه. ولما عاد من عنده إلى السيق زاد في نسكه وأتعابه. وانعطف إلى تصنيف أقواله التي سرت إلى أقصى المسكونة" 7.

ويعتبر المؤرخون أن رسامته قد تمت بوضع يدي البطريرك الأورشليمي يوحنا الخامس (735) 8.

توفي القديس يوحنا الدمشقي على الأرجح سنة 749 9 في ديره المذكور، بعد أن قضى حياة طويلة في النسك والتأليف. فدفن هناك وبقي قبره معروفاً ومكرماً حتى القرن الثاني عشر. ومن ثم نُقلت عظامه، على مايبدو، إلى القسطنطينية 10. وما كاد يموت حتى ذاع صيت قداسة يوحنا الدمشقي، فأخذ الشعب في تكريمه وإنشاد تآليفه الليتورجية والرجوع إلى كتبه اللاهوتية...


مؤلفاته:

  • ينبوع المعرفة: وينقسم إلى

علم الفلسفة والمنطق: يناقش فيه التحديات الفلسفية ويشرح دور الفلسفة بالنسبة إلى اللاهوت ويعتبر مقدمة لما يليه من أجزاء

أغلب الهرطقات وما قضيتها..

الأمانة الأرثوذكسية والإيمان الأرثوذكسي والمئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي. يتضمن عرضاً لأهم العقائد.

  • مختصر الأمانة أنطاكية الأرثوذكسية: كتبه لإيليا مطران يبرود
  • مقالة عن الثالوث، وهي على طريقة سؤال وجواب
  • مقالة عن "قدّ،س قدّوس قدّوس" يبيّن أن هذه الصلاة موجّهة إلى الأقانيم الثلاثة وليس إلى الابن وحده.
  • مقدمة عامة عن العقائد: كتبها -جمعها تلاميذه عنه- إلى يوحنا مطران اللاذقية
  • ثلاث مقالات للدفاع عن الأيقونات المقدسة: كتبها بين سنتيّ 726 و730 بعد صدور المرسوم ضد تكريم الأيقونات المقدسة.
  • مقالة ضد أسقف يعقوبي: يرفض فيها آراء اليعاقبة ومبادئهم وخاصة قولهم أن في المسيح طبيعة واحدة.
  • مقال ضد المانوية: وهي بشكل حوار بين أرثوذكسي ومانوي لإظهار أخطاء الثنائية.
  • جدال بين مسلم ومسيحي: يدافع فيه عن عقيدة التجسد ويرفض نظرية القضاء والقدر.
  • مقالة ضد الساحرات.
  • مقالة في الطبيعة المركبة: رفض لآراء القائلين بالطبيعة الواحدة.
  • مقالة في أن للمسيح إرادتين: وهي ردّ على القائلين بأن للمسيح إرادة واحدة.
  • مقالة ضد النساطرة: القائلين بأن للمسيح شخصين كما أنه له طبيعتين.
  • مجادلة يوحنا الأرثوذكسي: مع مانوي يرفض أفكار ماني
  • مؤلف في شرح رسائل القديس بولس. وقد استوحى فيه من كتابات يوحنا الذهبي الفم وكيرلس الإسكندري.
  • مقالة قصيرة عن الصوم
  • مقالة عن الأرواح السيئة
  • مقالة في الفضائل والرذائل.
  • المواعظ: في رقاد السيدة وميمر عن ولادة السيدة وعن التجلي والتينة اليابسة التي لعنها يسوع ويوم السبت العظيم ................ إلخ
  • مؤلفات طقسية وأناشيد الدينية


مراجع القديس يوحنا حول الإسلامأ

- القرآن: في زمن القديس يوحنا لم يكن القرآن بعد مثبتاً على حلته الحالية عند المسلمين آنذاك. في البداية، استظهر الصحابة فحوى القرآن ونقلوه شفهياً. وعند اختفاء العديد من المقررين في المعارك، حصل أول تنقيح رسمي له على عهد الخليفة أبي بكر (632-634). ولكن، كانت توجد أيضاً عدة روايات موازية مع اختلافات عدة في ما بينها؛ وقد تبنت دمشق من جهتها قرآن أُبَيّ ابن كعب. ثمّ سعى الخليفة عثمان إلى إنشاء نص موحد يجمع كافة المسلمين، وأرسل أربع نسخ منه إلى جهات مختلفة منها مكة ودمشق وأتلف الروايات الأخرى. بيد أن مشروعه قد اعترض عليه ولم يحقق الإجماع المنشود. وفي الكوفة قُبلت نسخة ابن مسعود الذي رفض أن يخضع لأمر الخليفة عثمان وبقي نصه مستعملاً في تلك المدينة، في حين أن مسلمي دمشق لبثوا آمناء لقرآن أُبَيّ ابن كعب كما يبدو. وواقعي هو القول بأن أصل الإنشاء القرآني الحالي يعود إلى عهد الخليفة عبد الملك (685-705) عن طريق الحجاج حاكم العراق، ولكننا نعلم بآن اختلافات عدة كانت لا تزال قائمة ما بين نص عثمان ونص أُبَيّ المستعمل في دمشق آنذاك: فترتيب السور لم يكن هو نفسه وأسماؤها لا تتطابق دوماً، وكذلك عددها (116 مقابل 114)، إضافة إلى وجود صلاتين في الثاني دون الأول. لأن لا يذكر القديس يوحنا الدمشقي الآيات القرآنية كما نعلمها الآن ليس من ثم بمستغرب؛ إذ ينبغي الرجوع في هذا المضمار إلى نص أُبَيّ الذي قُبل في دمشق دون سواه في زمنه – والذي كانت لا تزال بعض نسخه موجودة في القرن العاشر- أو إلى التقاليد غير المكتوبة بعد. ولقد كان القرآن بعد غير مشكل ومنقط. ب_ الأحاديث والسيرة والتفاسير: الأحاديث هي أقوال محمد رسول الإسلام وكلماته، ولم يكن بعد كتب حديث، مثلما نملك حالياً، فمثلاً: البخاري، صاحب اصح كتاب حديث عند اهل السنة، ولد عام 194 للهجرة. واصح كتاب سيرة، لابن هشام ، توفي صاحبه عام 213 للهجرة. أما أول من جمع القراءات في كتاب كان أبو عبيد القاسم بن سلام الذي ولد عام 157 للهجرة. وكتب التفاسير المعتمدة حالياً كُتبت في زمن ابعد فمثلاً في القرن الرابع كان كل من الطبري والنيسابوري وابن أبي حاتم. وفي القرن السادس الزمخشري. وتفسير ابن كثير في القرن الثامن للهجرة. وكل من الرازي والنسفي والبيضاوي في القرن السابع وفي القرن الثامن الخازن و ابي حيان. وفي القرن العاشر الشربيني و أبي السُّعود و الجلالين…. أما أقدم من جمع التفسير فقد كان يزيد بن هارون السُّلمي الذي ولد في أخر أيام القديس يوحنا.


عيده

تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بتذكاره في الرابع من شهر كانون أول شرقي(17 كانون الأول) من كل عام.


قالب:مقالات مختارة



نقلاً عن: http://www.antiochair.com