نقل الأسقف

من ارثوذكس ويكي
نسخة ٢٣:٣٣، ٨ ديسمبر ٢٠٠٧ للمستخدم Habib (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

مقدمة

يقول البطريرك المطوب الذكر الياس الرابع[1] "وجدت القوانين للوقوف في وجه الخطيئة، ومنعها من الانتشار" لا بل وجدت لتكون مذكرة دائماً بالحقيقة، وموجهة نحو الخير والصلاح وأبواباً تسد طريق الجحيم، وتنفتح على الملكوت السماوي". وهذا الموضوع يعتبر من اكثر المواضيع المعقدة.  

ملخص تاريخي

إن هذا الموضوع يعتبر من أكثر المواضيع صعوبة ويلخص احد العلماء [2] هذه الصعوبة بجملة رائعة إذ يقول:  "لم يتفق أن نظاماً من أنظمة الكنيسة انقلب رأساً على عقب كما حدث في النظام الذي حظر فيه انتقال أسقف من كرسي إلى كرسي آخر" ومن اول لحظة للمسيحية وهناك تنقلات من أبرشية لأبرشية (مثل الكسندروس من كبادوكية إلى أورشليم[3]). وفي المجمع المسكوني الأول[4] تم حظر نقل الأسقف[5] ولكنه رغم منع مجمع نيقية الأول نقل أسقف من كرسي لكرسي اخر فقد كان هناك تنقلات كثيرة وفي المجمع نفسه كان هناك عدد من الأساقفة المشهورين الذين تركوا اسقفيتهم وانتقلوا إلى غيرها مثل افسابيوس وأفستاتيوس[6] وغيرهم... وبعد المجمع تنقل الكثير مثل غريغوريوس اللاهوتي[7] وانذوكسيوس[8] و اوسابيوس [9] وملاتيوس[10]... ويقول اغابيوس بطريرك أنطاكية[11] ان بطرس الرسول هو أول أسقف لأنطاكية ثم اصبح أسقفاً على رومية. ويعتبره هو الحجة الأولى في نقل الأسقف من أسقفيته إلى أسقفية اخرى إن دعا التدبير الإلهي ذلك واقتنع ايليا بابا الاسكندرية بهذه الحجة. واكليمنضُس أسقف رومية [12] نفسه لا يرى مانع من نقل أسقف إلى كرسي اخر بشرط ان يكون هذا باجماع مجموعة من الأساقفة. وقد حاول الكتاب الباباويون أن يثبتوا أن نقل الأسقف من كرسي لكرسي اخر كان يحتاج موافقة البابا. ولكن توماسينوس الكاثوليكي يقر انه قد تم نقل أساقفة من كرسي لكرسي اخر حتى القرن التاسع في الغرب (فرنسا، اسبانيا وانكلترا) باتفاق الأساقفة والملوك وبدون استشارة البابا. ويظهر من قوانين بعض المجامع المكانية، ولا سيما مجمعي قرطاجة الثالث والرابع، أنه على الرغم من أوامر المجامع والبابوات قد تم انتقال عدة أساقفة برخصة من المجامع المكانية وبدون موافقة البابا. ويقول توماسينوس : "قد جرت العادة في ان يختار أسقف أو رئيس أساقفة احد المدن لاعتلاء العرش البطريركي في عاصمة المملكة. وطالما استعمل ملوك انكلترا هذه السلطة نفسها في تعيينهم احد أساقفة الابرشيات ليملأ كرسي رئيس أساقفة كنتربري" وما هو متفق عليه شرقاً وغرباً انه يمنع ان ينتقل الأسقف من كرسي لكرسي اخر بطموحه الشخصي. وهذا ما حصل مع انتيموس الذي كان أسقف ترابزون ثم انتقل إلى القسطنطينية بدون مجمع مكاني ينقله فاحتج الكهنة والبطاركة فخلعه الإمبراطور يوستانيوس. ويقول الأرشمندريت حنانيا الياس كساب [13]: "نرى من اللازم أن نبين هنا ان املاء الكراسي البطريركية الرئيسة وكراسي مطرانية الكنائس المستقلة لا يتم في هذه العصور الأخيرة إلا بانتخاب احد الأساقفة أو رؤساء الأساقفة العاملين في ابرشياتهم والذين يتألف منهم المجمع الذي يدبر شؤون ذلك الكرسي أو الكنيسة المستقلة حسب شرائع هذه البطريركيات والكنائس المستقلة وقوانينها، وهي صريخة في حصرها انتخاب بطريرك أو متروبوليت الكرسي الرئيس  من احد اعضاء المجمع، أي من أساقفة ابرشيات تلك الكنيسة الذين مضى على كل منهم مدة معينة في الرعاية. وهكذا لا مندوحة بحسب هذا التدبير في نقل احد الأساقفة أو رؤساء الأساقفة من كرسيه لملء كرسي البطريركية أو المتروبوليت."


 

نص رسالة أغابيوس بطريرك أنطاكية إلى إيليا بابا الإسكندرية.

[14]، [15] وكان باسيليوس الفسيلفس قد استدعى ثيودوروس الثاني البطريرك الأنطاكي في بدء ثورة برداس. وأرسل إليه "شلندي" يقلّه إلى القسطنطينية بحراً. فسار البطريرك ولمّا بلغ طرسوس توفي فيها. فبعث أهل أنطاكية "يلتمسون بطريركاً يكون عليهم ويتولى تدبيرهم". فاستقر الأمر على أن يكتبوا إلى الفسيلفس بهم وطلبوا إلى اغابيوس أسقف حلب أن يحمل رسالتهم إلى الفسيلفس. فسألهم اغابيوس أن يضيفوا اسمه إلى جملة الأسماء. فأجابوه إلى ذلك. فشخص بالكتاب إلى حضرة الفسيلفس وأنهى إليه حال أنطاكية وتمسك أهلها بطاعته "وأعلمه أن الصواب يقضي بأن يكون لها بطريركاً يدبرها ويثبت أهلها على طاعته". فكتب الفسيلفس إلى الماجيسطرس في أنطاكية يستميله ويعده بالإحسان إليه ويضمن له ولاية أنطاكية مدة حياة وأنه إذا تم ما استقر بينهما يكون أغابيوس بطريركاً على أنطاكية. وعاد اغابيوس إلى أنطاكية متنكراً بزي راهب. ولما وصل إليها اجتمع بالماجيسطروس وقدم له كتاب الفسيلفس فقبله ودعا وقطع اسم فوقاس الثائر واعترف باغابيوس بطريركاً على أنطاكية. ولما استقر أمر أغابيوس كتب رسائل الجلوس وبعث بواحدة منها إلى إيليا البطريرك الإسكندري وقرن بها "أمانته" ليُعلم منها أنه يقول بما اتفق عليه أصحاب المجامع المسكونية السبعة وطلب إليه أن يذكر اسمه في الذبتيخة. فأنكر إيليا الإسكندري عليه فعله لأنه ترك أبرشيته في حلب ليصير بطريركاً على أنطاكية فأصبح حاله "حال من تزوج ابنة ثم تركها وأخذ والدتها أو كمن طلّق زوجته وتزوج بغيرها". وأكّد إيليا أن درجات الكهنوت مرتبة على مثال طغمات الملائكة والنجوم والكواكب التي تلزم نظامها ومواضعها. وطلب محضراً من أهل أنطاكية وكهنتها وشيوخها يذكرون فيه واقع الحال. فرد اغابيوس رداً طويلاً وفق فيه بين التقليد الرسولي وبين كيفية وصوله إلى كرسي الرسولين أنطاكية.   وإليك نصه بالحرف كما حفظه يحيى ابن سعيد الأنطاكي في تاريخه:          بسم الله الرحمن الرحيم كتابي أيها الأب الروحاني الطاهر المشارك في الخدمة المساوي في الرتبة المتحد في الروحانية من الكرسي السليحي بمدينة الله الفائزة بفخر اسمه المحفوظة بتلميذه وأول رسله يوم السبت السابع من كانون الأول عن سلامة بيع الله المقدسة وأولادها قبلي وسلامتي من بعدهم والحمد لله على ما مَنَّ وأولى وهو المسؤول أن يتم اسبال ستره على هذا الشعب وإكمال نعمته على هذه الأمة قبلي وقبلك وقبل كل راعٍ استرعاه في كل موضع ارتضاء بمنه وكرمه.

·          وقد وصل كتابك أيها الأب الروحاني الطاهر على يد أنبا يوحنا الراهب المنفذ من مسكنتنا إلى قدسك. وأحطت علماً بمشتمله وسررت بأخبار سلامتك وما استدللت عليه من الإستقامة قبلك. ثم طار بعد ذلك فكري وتعسف ذهني وذهل عقلي وتقطعت خواطري متأملاً ما كتبته ومتبحراً ما أجبته. ولا أدري ما السبب الذي حملك على دفع غير مدفوع وإنكار غير منكر والاحتجاج بما لا يسلغ وفعل ما لا يليق. وقد كان ينبغي إذ عرفت موضوع ابتدائي وايثاري للتبارك بمشاركتك وانفاذي رسولي إليك في وقت كان يكاد أن يتعذر فيه عبور الطيور من جهتنا إلى جهتكم فضلاً عن الرسل والكتب ألا كنت تكتب بما كتبت به دون أن تتحقق أنك فيه على حق لا ينحل وحجة لا تبطل وصواب لا ينكر وقاعدة لا ينسب أهلها إلى هوى ولا غي ولا قصد ولا حال من الأحوال التي قدسك متبرئ منها ومرتفع عنها.

·           وأما أن تذكر أيها الأب الروحاني غمك بما صار إليه حالي وقلقك بما جرى عليه أمري وإيثارك الموت دون السماع بمثله فهذا ما كان يليق إذ كان لم يجرِ بحمد الله ها هنا ارايسيس ولا فساد مقالة ولا نقص سنة ولا حالة غير معروفة. والذي جرى هو أمر أصغر حالي عنه وبعد موضعي منه لارتفاعه عني وقلة قيامي به وتفاوت نقص استحقاقي له. إلا أنه لم يكن مني ولا أتى بسمعي إلا ومنها يقتبس. وكيف يجوز أن ينكر واحد ما تجتمع عليه هذه الطبقة وترضى به هذه الأمة. وهو أمر مشهور عندنا مستعمل بيننا على قديم الزمان إلى حيث انتهيتا.

·           والذي ذكرته أيها الأب الروحاني في هذا الباب أنا أعلم أنك لم تذكره إلا لبعد العهد بهذا الحال ببلدك ولعدم الكتب التي تنبئ بمثله في ناحيتك ولقلة من يستعملها ويقتبسها في موضعك للأحوال التي دفع إليها أهل تلك الديار مما نسأل الله المعونة عليه. وإذا أنت رجعت إلى الفحص عن ذلك وجدته أمراً لم يبدأ منا ولا يتناهى فينا. وذلك أنك تجد القديس افسطاثيوس بطريرك مدينتي هذه وقد نقله السينودس المقدس بنيقية من حلب إلى أنطاكية ووجدت القديس ملاتيوس منقولاً من لايصة إلى حلب ومن حلب إلى أنطاكية وقد حضر السينودس الثانية في القسطنطينية ونقل القديس غريغوريوس الثالوغس من نازينز [16] وكرسه على كرسيها ووجدت اوذوكسيوس قد نقل من مرعش إلى أنطاكية ومنها إلى القسطنطينية ووجدت اوسابيوس قد نقل من بيروت إلى نيقوميذية ومنها إلى القسطنطينية ووجدت جماعة آخرين منقولين إلى مواضع عدة.

·           هذا بعد مار بطرس[17] السليح الذي هو أساس البيعة ورأس الشريعة ومقامه اثنتي عشر سنة بأنطاكية وانتقاله بعد ذلك إلى رومية. وكفاك به من شاهد وتناهى بمن ذكرناه قليلاً من كثير قدوة يقتدى بها وأصلاً يرجع إليه. وإذا كان ذلك كذلك فقد عرفت منا أيها الأب الروحاني ما طلبته ووجدت ما ابتغيته إذ كان التماسك في كتابك أن يوجد في هذا الباب أصل يرجع إليه وطريق تفسح لك في قبول الكسس ورفع الاسم لا سيما مع علمك بأن هذا ليس هو ما تدعو إليه حاجة ضرورية وإنما يراد به اتحاد البيعة المقدسة بالروحانية. ومن طلب أن يتحد مع قدسك ويشارك خدمتك فليس يجوز أن تنفرد عنه بالحجج التي احتججت بها ويتضح حلها ويقوم البرهان بصحة غيرها.

·           من ذلك تشبيه هذا الأمر بمن تزوج ابنة ثم تركها وأخذ والدتها. وقد ارتفع الكهنوت الإلهي عن التشبيه بالتزويج البشري. ولو لم يكن الأمر كذلك لكان إذا توفي أسقف وكان له أخ يستحق رئاسة لا يجوز له أن يرجع موضعه كما لا يجوز للأخ أن يأخذ زوجة أخيه بعد وفاته. والتشبيه بمن طلق امرأة وأخذ غيرها يبعد أيضاً عما نحن فيه ولا يليق أن يشبه به وإلا لم يكن بالجائز للمدينة أن يصير غليها غير أسقفين كما لا يجوز للإمرأة أن تتزوج أكثر من زوجين. فأما قول السيد المسيح بأنه من طللق امرأته فقد جعلها أن تفجر ومن تزوج مطلقة فإنه يفجر فلم يكن مقولاً عن الكهنوت وإنما كان كلامه على اليهود لما حضروه مجربين له فأراهم بعد طباعهم عما يوجبه ناموس الطبع اللطيف والعقل والحصيف من المحافظة على الزوجة البشرية والتمسك بحبها لأجل أن الاثنين قد صارا جسداً واحداً كما قال الكتاب حتى أظهر عيوبهم وأحوجهم إلى أن قالوا لقد كان أخيراً للرجال أن لا يتزوج بالكلية. وإن كان كذلك فأية مناسبة بين هذا المعنى وبين الكهنوت الإلهي التي هي درجات تتراقى من الدون إلى التي فوقها. فأما تبشبيه هذه الدرجات بطغمات الملائكة التي تحفظ كل طغمة منها موضعها ولا تتعداه إلى غيرها فهذا أيضاً مما لا يشبه في حال النقلة وإلا لم يكن بالجائز للانغنسط أن يصير ابيوذياكون ولا للابيوذياكون أن يصير تاماً ولا للتام أن يصير قسيساً ولا للقسيس أن ينتقل إلى ما فوق. فأما تشبيهها بالنجوم فإن الكواكب لازمة نظامها ومواضعها لا ينتقل أحدها إلى موضوع غيره فهذا أيضاً لا يليق لأن الكواكب أجرام غير ناطقة رتب الباري كل واحد منها في موضوعه وجعل طبيعته لا تتغير عن حالته. فأما الإنسان فإنه جعله حيواناً ناطقاً متحركاً من حال إلى حال ومن أمر إلى أمر. والخليق به أن يكون انتقاله إلى ما هو أشرف وحركته إلى ما هو أعلى. فمن هذا جاز أن ينتقل من ذكرنا نقله. وقد قامت الشواهد بهذا الحال.

·           فأما ما التمسته أيها الأب الروحاني من إحضار محضر المدينة الشريفة يذكر فيه كيف جرت هذه الحالة والرضى به فلك يجر بذلك رسم ولا فعل هذا من تقدمني فأفعله أنا بعده. ولولا تعذر الطريق في هذا الوقت إلى ما هناك لقد كان ذلك سهلاً. فأما إنقاذ خطوط كهنة الكرسي وشيوخه بالرضى فهذا نريد أن يكون لو لم يتم الأمر وحينئذ تكون الشبهة لاحقة في مثل هذا. فأما بعد تمامه ومضي سنة عليه فأنت تعلم أنه لو لم يحصل في الأول خطوط ويقع إجماع ورضي قبل التوجه إلى المدينة المتملكة لما كان تم. ·           وكان بعد تمامه اضطراب ولم يقع بعده سكون. ونحن كنيستنا بحمد الله واحدة والمشاركة فيها من كل جهة واقعة والمحبة بين أولادها تامة وكاملة وليس هاهنا خلف ولا انفراد ولا انشقاق ولا حال فيها شبهة تحتاج إلى إنقاذ ما التمسته. وطلبة مثل هذه في غير موضعها تجري مجرى المعاياة والإجابة إلى مثل ذلك نقص وإيقاع شبهة. فإما الحق بالمودة الإلهية والأليق بالأحوال الروحانية أن تدع التماس ما لم تجر العادة بالتماسه والاحتجاج بما قد بطل وبمثله الرجوع إلى الواجب في توكيد المودة وإتمام اتحاد الخدمة والمشاركة حتى يزول الشك ويرتفع سبب الفساد ولا يقع في البيعة انشقاق.

·           وأنت أيها الأب الروحاني تأتي في ذلك الواجب. وقد أردت إنقاذ البركة على ما جرى به الرسم والعادة ولم تتأخر إلا لبعد الطريق وصعوبة الوقت. وأنا أرصد الفرصة لإنفاذها وأراقب نفوذ من يصلح لحملها وأنقذها وأتبارك بإصدارها وإني في ذلك على الرسم الذي أنا قلق لتأخره. وأنت أيها الأب الروحاني تأتي في قبولها عند وصولها ما جرت فيه العادة التي تتبع الروحانيات ولا ينقصها تأخرها ولا يزيد فيها تقدمها. مع إبهاجي بكتابك عاجلاً متضمناً من أخبارك واستقامة أحوال من قبلك ما أسر به ومن حاجاتك ومهماتك ما أقوم فيه بواجب المودة والأخوة الروحانية والمشاركة إن شاء الله. ·           سلام ربنا وإلهنا يسوع المسيح يكون معك وعندك حافظاً ومواقياً وكافياً ومشدداً من الآن وإلى كل أوان وإلى دهر الداهرين آمين ." [18] -انتهى-   ووصل هذا الكتاب إلى إيليا البطريرك الإسكندري ووافق على مضمونه وقبل اغابيوس في الشركة واعترف ببطركيته. ويلاحظ هنا أن البطريرك الأنطاكي رأى في اعتراف زميله واجباً روحياً "لتوكيد المودة واتمام اتحاد الخدمة والمشاركة حتى يرتفع سبب الفساد ولكي لا يقع في الكنيسة انشقاق". ورأى هذا البطريرك أيضاً أن إرسال المحاضر بخطوط الكهنة والشيوخ أمر لم يفعله من تقدمه من البطاركة. واكتفى بأن يكون إيمانه إيمان أصحاب المجامع المقدسة السبعة وأن يكون شعبه راضياً وأن يكون رؤساء الدولة قد وافقوا على اختياره. ويلاحظ أيضاً أن لا إشارة البتة في هذا الجدل حول الاعتراف بالبطريركية إلى موافقة روما وحبرها وأن البطريرك الأنطاكي الجديد اعتز بموافقة رؤساء الدولة في القسطنطينية "المدينة العظمى" وبعلم "علماء الملة" فيها.


 

نص رسالة ديمتريوس خوماتينوس رئيس أساقفة تسالونيكية (ق.12-13م) إلى كاباسيلاس رئيس أساقفة ذيراشييون

. [19] إن الأسقف الذي تم انتخابه وثبّت وكان على اهبة أن يسام وينصب على أبرشية معينة قد يرغم بموجب أمر امبراطوري على استلام مهام أبرشية اخرى أهم وأكبر من الأبرشية التي انتخب لرعايتها إذ تكون خدمته في هذه اجزل نفعاً للشعب بما لا يقاس. وهكذا نقرأ في كتاب الشريعة الشرقية: "إذا رأى المتروبوليت مع مجمعه، رغبة منهم في خدمة مصلحة جديرة باهتمامهم ولسبب مشروع، أن يأذنوا في نقل أسقف فلا يتعدى ذلك حدود سلطتهم وذلك لخير النفوس وحسن تدبير مصالح الكنيسة". وهذا ما تقرّر في مجمع عقد برئاسة مانويل بطريرك القسطنطينية وبحضور نواب الامبراطور. [20]    

قوانين الرسل القديسين المشرفين

[21] كما وضعها اكليمنضُس أسقف كنيسة رومة [22]   القانون الرابع عشر: لا يسمح لأسقف أن يترك رعيته وينتقل إلى رعية اخرى ولو ألح عليه كثيرون إلا عن اضطرار ولسبب مقبول، كأن يكون في استطاعته أن يؤدي منفعة أعظم لابناء تلك الرعية وعظاً وارشاداً إلى العباة الحسنة. وعلى كل لا يجوز أن يقوم بذلك من تلقاء نفسه بل بموجب حكم عدد من الأساقفة وبالحاح منهم. [23]   


تعليقات العلماء التاريخ والقوانين الكنيسة على بعض القوانين

1: القانون 15 للمجمع المسكوني الأول

ملخص القانون: لايجوز لأسقف أو قس أو شماس الانتقال من مدينة إلى مدينة، بل يجب إرجاع كل واحد منهم، إذ حاول ذلك، إلى الكنيسة التي سيم لخدمتها.

ج: يقول أشهر مؤرخي المجامع  [24]Hefele: رغم منع المجمع المسكوني الأول لنقل أسقف من كرسي لكرسي اخر فقد جرت تنقلات عديدة حتى أنه في المجمع نفسه وجد عدد من الأساقفة المشهورين الذين تركوا ابرشياتهم وانتقلوا إلى غيرها مثل افسابيوس و افسطاثيوس وغيرهم. ويقول العالم هنري. ر برسيفال: "ومما يدعونا إلى التأمل أن قانون مجمع نيقية لا يمنع المجمع المكاني من نقل الأساقفة ولكنه يمنع الأساقفة من التنقل حسب أهوائهم".


2: القانون 21 لمجمع انطاكية

ملخص القانون: لا يجوز أن ينتقل الأسقف إلى أبرشية اخرى حتى ولو ارغمه الشعب أو الأساقفة.

ج: يقول العالم هنري. ر برسيفال: "ورغم ان مجمع أنطاكية كان اشد مجمع صرامة بمنع نقل الأسقف من اسقفيته إلى اسقفية اخرى ولكنه وافق على نقل احد الأساقفة". ولو قرأنا سيرة القديس ملاتيوس أسقف انطاكية[25] سنجد انه قد أصبح اسقفاً لأنطاكية بعد عقدين من زمن عقد مجمع انطاكية. ونرى ان القديس ملاتيوس هو الذي ترأس المجمع المسكوني الثاني (القسطنطينية الأول[26]) ورقد اثناء انعقاد المجمع. ولم يعترض أباء المجمع المسكوني الثاني عليه مما يعطينا أن المجمع المسكوني الثاني وافق على نقل الأسقف من أبرشية لأبرشية اخرى إن دعا التدبير الإلهي ذالك. لا بل زد على ذلك انه تم إعلان قداسته في نفس المجمع. مما يدل على أن قانون إنتقال الأساقفة كما علمه القديس بطرس عندما انتقل من أنطاكية إلى روما وكما علمنا تلميذه القديس اقليمنس[27].  

3: القانون 5 للمجمع المسكوني الرابع

ملخص القانون: يكون المنتقلون من مدينة إلى مدينة عرضة للقانون في هذا الشأن

ج: هذا القانون يعتمد على القوانين السابقة لذلك الرد ستجده في التعليق على القوانين السابقة.

4: القانون 1 لمجمع سرديكيا

ملخص القانون: لا يجوز لأسقف ان ينتقل من مدينة صغيرة إلى مدينة اكبر. وإذا انتقل احد من كرسي حقير إلى كرسي كبير يجب ان يقطع من الشركة كل حياته لكبريائه وطمعه.

ج: يميز البطريرك ثيوذوروس الرابع [28]، المتخصص بالقوانين الكنسية، بين ثلاثة أنواع من نقل الأساقفة أو انتقالهم.

الأول:  إذا أرغم أسقف مشهور بالعلم والتقوى على الانتقال من أبرشية صغيرة إلى أبرشية كبيرة ليتمكن من تأدية خدمة اعظم واجلّ للكنيسة. ومن هذا النوع كان نقل غريغوريوس اللاهوتي من ساسيمة إلى القسطنطينية.

الثاني: عندما ينقل أسقف من أبرشية انحط شأنها على اثر الغزوات والحروب إلى أبرشية شاغرة.

الثالث: عندما يغتنم اسقف، صاحب أبرشية أو لا أبرشية له، وجود أبرشية شاغرة فينتقل إليها من عند نفسه. وهذا النوع هو الذي حظره مجمع سرديكيا وفرض على المخالف عقوبة صارمة.


   

صلاة:

"أيها الرب وسيد حياتي اعتقني من روح البطالة والفضول، وحب الرئاسة والكلام البطال.وانعم علي أنا عبدك الخاطئ بروح العفة واتضاع الفكر والصبر والمحبة.نعم يا ملكي والهي هب لي أن أعرف ذنوبي وعيوبي وألا أدين إخوتي فانك مبارك إلى الأبد آمين." القديس أفرام السوري  


المراجع

[1] تجد سيرته على الربط التالي http://web.orthodoxonline.org/saints/Ain-Ghain/pt.GregoryIVHaddad.htm عندما توفي قال الشعب في دمشق " "مات أبو الفقير، بطريرك النصارى وإمام المسلمين. نزلت بالعرب الكارثة العظمى!"."

[2] العالم هنري برسيفال

[3] ولد في كبادوكيا حوالي سنة 170. تابع بحماسة دروس مدرسة الإسكندرية للتعليم المسيحي وتتلمذ على أشهر الأساتذة فيها مثل بانتنيوس واقليمندس الاسكندري

[4] راجع المجمع المسكوني الرابع http://habib.orthodoxonline.org/?p=3

[5] منع الأساقفة من التنقل حسب اهوائهم كما يقول العلماء

[6] من حلب إلى أنطاكية

[7] من ساسيمة إلى القسطنطينية

[8] من مرعش إلى أنطاكية ومنها إلى القسطنطينية

[9] من بيروت إلى نيقوميذية ومنها إلى القسطنطينية

[10] من ايصة إلى حلب ومن حلب إلى أنطاكية

[11] كان اسقف حلب

[12] هو ثالث أسقف على مدينة رومية (92 – 102). عرف الرسول بطرس, ويسود الاعتقاد بأنه هو المذكور في رسالة القدّيس بولس الى أهل فيلبّي (4: 3).

[13] صاحب كتاب مجموعة الشرع الكنسي.

[14] بطريرك على كرسي انطاكية (977-996)

[15] نقلاً عن كتاب "كنيسة مدينة الله أنطاكية" لمؤرخ الكرسي الأنطاكي الدكتور اسد رستم. ج2 ص172- 176. http://web.orthodoxonline.org/history/09-12/ConstantinopleAndSyria.htm

[16] الصحيح من ساسيمة إلى القسطنطينية لا نيزينز كما يقول سقراط وايرونيموس. (برسيفال، الشرع الكنسي ص84)

[17] القديس بطرس الرسول

[18] Eutichius, Ann., II (Yahya b. Said), 150 – 154.

[19] الشرع الكنسي ص 85.

[20] Demetrius Chomatenus to Cabasilas of Durazzo

[21] أو اوامر الرسل القديسين الكنسية

[22] هو ثالث أسقف على مدينة رومية (92 – 102). عرف الرسول بطرس, ويسود الاعتقاد بأنه هو المذكور في رسالة القدّيس بولس الى أهل فيلبّي (4: 3).

[23] الشرع الكنسي ص 853.

[24] صاحب كتاب 'تاريخ المجامع' History of the Councils

[25] من ايصة إلى حلب ومن حلب إلى أنطاكية. راجع الحواشي اعلاه.

[26] راجع المجمع المسكوني الثاني | مجمع القسطنطينية الأول | http://habib.orthodoxonline.org/?p=36

[27] لا يسمح لأسقف أن يترك رعيته وينتقل إلى رعية اخرى ولو ألح عليه كثيرون إلا عن اضطرار ولسبب مقبول، كأن يكون في استطاعته أن يؤدي منفعة أعظم لابناء تلك الرعية وعظاً وارشاداً إلى العباة الحسنة. وعلى كل لا يجوز أن يقوم بذلك من تلقاء نفسه بل بموجب حكم عدد من الأساقفة وبالحاح منهم (قوانين القديس اقلمينس)

[28] تقول عنه الموسوعة الكاثوليكية: canonist of the Greek Church, born in the second half of the twelfth century at Constantinople; died there, after 1195 (Petit). He was a deacon nomophylax, or guardian of the Laws, and from 1178 to 1183, under the Patriarch Theodosius, he had charge of all ecclesiastical trials or cases. In 1193 he became Greek Patriarch of Antioch. Balsamon's best work is his "Scholia", or commentary on the "Nomocanon" of Photius, published first in Latin at Paris (1561), at Basle (1562); in Greek and Latin at Paris (1615), and again at Basle (1620). It is also found in Beveridge's "Pandecta Canonum", Oxford, 1672 (P. G., cxxxvii-viii). From 1852 to 1860, Rhalli and Potli published at Athens a collection of the sources of Greek canon law which contains Balsamon's commentary. In his "Scholia" Balsamon insists on existing laws and dwells on the relation between canons and laws — ecclesiastical and civil constitutions — giving precedence to the former. Balsamon also compiled a collection of ecclesiastical constitutions and wrote other works, in all of which is apparent his animosity towards the Roman Church. Two of his letters were published: one treating of fasting, the other on the admission of novices into monasteries.