افتح القائمة الرئيسية

ارثوذكس ويكي β

المجمع المسكوني الأول

المجمع المسكوني الأول هو أحد المجامع المسكونية السبعة


مقدمة:

هو المجمع "المسكوني" الأول وليس المجمع الأول على العموم، ذلك أن مجامع كنسية عدة إلتأمت في القرون الثلاثة الأولى لأهداف خاصة وفي ظروف طارئة لبحث أمور معينة تهمّ الجميع. غير أن ما يميز مجمع "نيقية" (اسم المدينة التي عُقد فيها المجمع المسكوني الاول) عمّا قبله هو أن المجامع الأولى "كانت أحداثا اكثر منها مؤسِسة"، كما يقول الاب جورج فلورفسكي. وكان مجمع نيقية، بالتالي، نموذجا للمجامع اللاحقة، وذلك لأن إهتداء الإمبراطورية الرومانية جعل الظروف تتغير عما قبل، فاستلزم وضع الكنيسة الجديد عملا مسكونيا هو بالحقيقة موجود وأصيل في الكنيسة ولكنه بان بشكل مرئي اكثر.

الدعوة للمجمع:

اختلفت الآراء حول تحديد من هو صاحب المبادرة لعقد المجمع المسكوني الأول، وتنوعت حول مَنْ رئسه. غير أن الأمر الذي لا ريب فيه هو أنه عُقد في نيقية في تركيا الحالية ورئسه اسقف ارثوذكسي (ربما يكون: أوسيوس اسقف قرطبة، او افسافيوس اسقف انطاكية)، وأن الإمبراطور قسطنطين الكبير حضر افتتاحه. اول ما يَلفت نظر الباحثين هو أن علامات الاضطهادات – التي هدأت – كانت ظاهرة جلياً على أجساد معظم الآباء الذين أتو من كنائس العالم ليشهدوا للمسيح الحي والغالب على الدوام. فأعضاؤهم المشوّهة او المبتورة وآثار الجروح والضرب والجلدات شهادة على أن الإيمان الحيّ الذي دونوه في نيقية كان محفوظا في قلوبهم وعقولهم ومكتوبا على صدر وصبر أجسادهم. ولا يُخفى على أحد أن هذه الآلام بقيت – وسوف تبقى – رفيقة القدّيسين الشاهدين، ولعل أبرز شهادة عليها هي أن الشمَّاس اثناسيوس، الذي رافق الاسقف ألكسندروس الإسكندري الى المجمع كان بطل نيقية، نُفي بعد تَرأسه سدّة البطريركية في الإسكندرية خمس مرات، وبقي خارج كنيسته ما يزيد على العشرين سنة.

إلتآم المجمع:

بدأ مجمع نيقية جلساته في ال 20 من أيار عام 325 حضره حوالى ال318 أُسقف معظمهم من الشرق (يعود عدد الأساقفة ال 318 إلى ما بعد السنة 360, وربما وصلنا تأثرا ب"غلمان ابراهيم المتمرنين", راجع: تكوين 14: 14). اهم ما حققه هذا المجمع هو أنه دان بدعة كاهن ليبي عاش في الإسكندرية أُسمه آريوس الذي،تتلمذ على لوقيانوس الانطاكي. أنكر آريوس ألوهية الإبن فأعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن الإبن موجودا فيه، وأعتبره رفيعا بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ، كما أن الروح القدس من صُنْعِ الأبن ايضا. يعتقد بعض المؤرخين أن الآباء في نيقية سدّوا آذانهم اشمئزازاً حال سماعهم هذه الأقوال التجديفية، وأكتفوا ببعض العيِّنات المقروءة من رسالة آريوس "المثالية" للحُكْم عليه.

أعمال وقوانين المجمع:

دحض الآباء بدعة آريوس وشهدوا للإيمان المستقيم، فاعترفوا بأن المسيح إله حقيقي وهو وحده يستطيع أن يفتح للإنسان طريق الاتحاد به، فلو كان يسوع أحد المخلوقات – كما إدَّعى آريوس – لاستحال عليه أن يخلّص العالم وتاليا أن يوصله الى غاية تدبير الله الآب، وأعني التأله. وَضعَ الآباء في نيقية دستور الإيمان الذي نتلوه في القدَّاس الإلهي والعماد وغيرهما من الصلوات، ومما جاء فيه أن المسيح "إله حقّ من إله حقّ، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر (هومووسيوس)". في دستور نيقية إعلان إيمان واضح بالثالوث القدُّوس وإنما من دون توسّع بعلاقة الأقانيم في ما بينها، فالإبن الذي هو متميّز – حسب الأقنوم – عن أبيه علّةِ الوحدة في الثالوث هو غير منفصل عن جوهره الإلهي. إصطلاح "هومووسيوس" (مساوٍ للآب في الجوهر) سببَ جدلاً كبيراً داخل المجمع وخارجه، لأن أصحاب الرأي المشؤوم ومَنْ إنقاد الى ريائهم قالوا بأن العبارة غير كتابية، واتّهموا الآباء بالوقوع ببدعة صاباليوس (الذي اعتقد بإله واحد ذات أشكال ثلاثة)، وذلك لأن عبارة "هومووسيوس" – في العالم اليوناني – كانت تفيد "الكيان الواحد". الافلاطونية الحديثة و الغنوصية (العرفانية) في القرن الثالث استعملتا اللفظة للدلالة على الكائن العاقل أو الشخص. بيد أن آباء المجمع الذين دحضوا "شكلانية" صاباليوس (اي الاعتقاد بإله واحد ذات أشكال ثلاثة)، والذين هم، كما يقول القديس غريغوريوس النزينزي، من أتباع طريق الصيادين – الرسل وليس طريقة الفلاسفة، سَمَوا فوق الفلسفة البشرية وجميع مناهجها، فعمّدوا لفظة "هومووسيوس" اي أنهم أعطوها معنى مسيحيا مؤكدين أنها وإن لم توجد حرفيا في الكتاب المقدس إلاَّ أنها مستوحاة معنوياً منه. وقد ورد في مجموعة الشرع الكنسي (ص 45) أن القدس إيريناوس أسقف ليون إستعمله أربع مرَّات، كما أن الشهيد بمفيليوس روى أن اوريجانس المعلم إستعمله أيضاً بالمعنى ذاته الذي أراده له المجمع النيقاوي. مما قاله آباء المجمع:"بما أن الإبن هو من جوهر الآب، فالإبن إله كما أن الآب إله، وتاليا يجب القول إن المسيح هو من الجوهر الواحد مع الآب. وضع مجمع نيقية تحديداً في تعيين تاريخ عيد الفصح، فأقرّ القاعدة التي كانت كنيسة الإسكندرية تحتفل بموجبها بالعيد، وهي التي تجعل عيد الفصح يقع بعد أول بدر بعد الاعتدال الربيعي في 21 آذار. كما عني المجمع بتنظيم الكنيسة الإداري فسنَّ عشرين قانونا، منها تثبيت رفعة مكان كَراسٍ ثلاثة كبرى وهي رومية والإسكندرية وأنطاكية (قانون 6)، وقرر أن يحتل كرسي أُورشليم مكانة الشرف الرابعة على أن يبقى خاضعا لمتروبوليت قيصرية فلسطين. لم يأتِ مجمع نيقية على ذكر القسطنطينية لأن مدينتها دُشنت بعد المجمع بخمس سنوات.

دراسة مفصلة حول المجمع المسكوني الأول في هذا الرابط